لا يمكن ان تنقي نفسك من الانانية طالما انك تلقي بعض الفضلات في الشارع، فإلقاؤها في الشارع سيرغم شخصا اخر على رفعها وتنظيفها بدلا منك، ليس لأنه يحبك، ابدا، بل لأنه لا يستطيع رؤية قاذوراتك امامه في الشارع باستمرار، انها الانانية التي تجعلك مواطنا غير منتمي غير لنفسك، واذا تم خلطها مع بعض قصر النظر، فلا بد ان تنتج شخصا غير مسؤول لا يستطيع العناية بنفسه ويحتاج الى من يعتني به، وهذا له ما له من آثار على نفسه وعلى اسرته ثم الحي والمدينة والدولة والعالم.
المواطن الاناني هو الشخص المقابل تماما للمواطن العالمي، وكلنا بينهما، كلما اقتربت ثقافة شعب ما من نموذج الشخص الاناني كلما كانت حياتهم اصعب بالجملة، وكلما اقتربت ثقافتهم من نموذج المواطن العالمي كلما كانت حياتهم اسهل ونفوسهم نظيفة.
ان امتناع شخص ما عن اشعال حريق في الاعشاب الجافة في حديقة المنزل، لأجل ان لا تتأثر طبقة الاوزون، يعتبر مساهمة حقيقية وفعالة في حماية هذه الطبقة، ويعتبر تصرفه تجسيدا حقيقيا للمواطنة العالمية، لأنه وببساطة شارك مع كل شخص في العالم في حماية جو الكرة الارضية من انبعاثات الشمس، وشارك ثم شارك ثم شارك في جهد مشترك غير منظم لحماية البيئة التي يستفيد منها هو شخصيا ويستفيد كل شخص في العالم مهما كان لونه او جنسه او دينه او لغته، ولن يعرف التاريخ انانية اكبر من ان يترك جيلنا الارض غير مناسبة لحياة ابنائنا عليها، ليس لشيء فقط لأننا نريد ان ننعم ببعض الراحة ولا نحافظ او نعالج ما دمرنا منها.. هذه المشاركة مع من لا نعرفهم هي في الحقيقة السبيل الوحيد لحماية كوكبنا. اجمل مافي الموضوع ان هؤلاء الذين لا نعرفهم شخصيا – الموطنون العالميون – كثيرون في العالم، ويزدادون يوما بعد يوم، كلما تقدمت الحضارة وزار التحضر مزيدا من المدن والبلدان حول العالم، وانتشرت قيمه وافكاره، كلما اضاف مزيدا من الاشخاص الى ثقافة المواطنة العالمية، تلك الثقافة التي نعلم يقينا ان حياتنا على الارض لن تستمر مالم يصبح كل العالم مواطنين عالميين.